الدكتور منتصر صباح الحسناوي
مدير مركز ابحاث نحل العسل العراقي
تمتاز خلية النحل بنظامها الاجتماعي الفطري حيث تتلاشى الـ ” أنا ” فلا حاكمٌ يحكم ولا عبيد يطيعون، رغم الظن لدى الكثير بوجود ملكة تحكم وحولها حاشية مستبدة “هكذا يرى غير المطلع “.
لكن واقع الحال ان الملكة هي أم الخلية ومسؤولة عن وضع البيض ونشر الهيرمونات (الرائحة) التي تميز بها افراد خلية النحل وهي ليست حاكماً بالمطلق اذ من الممكن ان تُغيَر بكل سهولة ويُسر متى ما أدرك النحل انها اصبحت مسنه او اصابها اي خلل.
اما العمل داخل الخلايا فيطبق بمرونة عالية بين افراد المجتمع المكون من الشغالات وعدد من الذكور والملكة فكل منها يعرف واجباته وحقوقه منذ الولادة حتى الممات، اذ تبدأ النحلات ببناء خلاياها (وطنها) وتربية يرقاتها بكل حرفية واتقان (جيلها الجديد) وتدافع عنه بشراسة وتوفر له كل امكانات العيش من عسل ولقاح …
هذا الاتحاد بين النحل جعل عدد من العلماء الذين درسوا سلوك النحل ان يطلقوا على مجموعة النحل في الطائفة “الكائن الحي الواحد ” أي انها تتصرف بمجملها ككائن حي بجسم موحد متكامل، وعدا ذلك فان اي نحلة تنشق او تبعد عن المجموعة مصيرها الحتمي الهلاك فلا عيش ولا تقدم الا مع المجموعة ….
ومن هنا ان مجتمع النحالين إذا ما ارادوا التقدم وتنمية قطاع النحل لا بد لهم الاقتداء بهذه الحشرة المباركة اذ بدون اتحادهم سيكون الطريق صعب عليهم والمعوقات والتحديات تزداد صعوبة في ظل الهجمات المستمرة للأمراض والمتطفلات فضلاً عن التغيرات المناخية والتلوث البيئي والتنافس الصناعي.
بالتعاون الجاد بين النحالين و تكاملهم سيكون تحديد المعوقات ومعالجاتها اكثر سهولة ومشوار التنمية سيسير نحو الايجابية وذلك يتطلب ان يكون هذا التعاون عملاً وتطبيقاً على ارض الواقع ولا يقتصر على النحالين داخل مصر او العراق او اي دولة بل بين نحالي جميع الدول ولا سيما العربية ولعل اتحاد النحالين العرب مثالاً واقعياً لذلك في جمعه وتنظيمه لعشرات النشاطات والمؤتمرات الدولية وطموحاً للأفضل نتمنى ان يتكامل جسد الاتحاد بكل اعضاء النحالين من جميع بلاد الوطن العربي ليكونوا نموذجاً في العمل لتطوير قطاع تربية النحل وتبادل المنافع والامكانيات العلمية في عمليات تربيته والصناعية بما يتعلق بمستلزماته وتقنياته الحديثة في الانتاج والتجارية وما يتعلق بها من آليات التعبئة والتغليف والتسويق والقوانين والانظمة المرتبطة بذلك ولا سيما بين الدول.
فقطاع تربية النحل بدون هذا التعاون والمشاركة سيكون من الصعب تطويره والنهوض به لمصاف الدول العالمية المنتجة.