سلالة نحل بلينهايم النادرة تقاوم الفاروا وبرد الشتاء القارس في أوروبا
سلالة نحل نادرة تم اكتشافها في انجلترا أطلقوا عليها سلالة نحل بلينهايم نظرا لوجودها في الغابات القريبة من أراضي قصر بلينهايم المهيب بالقرب من أكسفورد، في جنوب وسط إنجلترا.
مكتشف سلالة نحل بلينهايم هو فيليبي سالباني عالم الفيزيولوجيا الأفريقي الجنوبي الشغوف بالنحل الذي هتف بحماسة لدى رؤيته ملكة النحل تلقي بيضها، وهو يقف على شجرة بلوط مُعمّرة وسط إنجلترا، مراقباً من خلال ثقب صغير في جذع الشجرة المتين نوعاً نادراً من النحل البرّي.
فمن على ارتفاع نحو 15 متراً فوق أراضي قصر بلينهايم المهيب، يشبّه الرجل البالغ 55 سنة المشهد بـ”صف مدرسي”، معبّراً عن ذهوله بالقول “إنه لأمر مذهل ولا يصدق”.
ويؤكد عالم الفيزيولوجيا الأفريقي الجنوبي الشغوف بالنحل الذي أمضى قسماً كبيراً من الأشهر الـ18 الأخيرة وهو يبحث عن خلايا النحل في الغابات القديمة التابعة للقصر بالقرب من أكسفورد، في جنوب وسط إنجلترا، أن هذه الحشرات الطائرة ليست عادية.
سلالة نحل بلينهايم نوع نحل بيئي نادر
ويشرح سالباني لوكالة الصحافة الفرنسية أنها تنتمي إلى نوع بيئي نادر (وهو نوع فرعي في موطن له مواصفات خاصة)، يتحدر من سلالة عمرها قرون في هذه المنطقة بالذات من ريف أكسفوردشاير.
ويثير اكتشاف هذا النوع من النحل الحماسة في بلينهايم وخارجها، ولو أن اختبارات الحمض النووي لم تؤكد بعد هذا الاستنتاج الأولي.
فقد كان يُعتقد أن سلالة نحل بلينهايم انقرض إلى حد كبير بسبب الأمراض والمبيدات الحشرية والمنافسة مع الأنواع الأخرى.
دور النحل في التنوع البيولوجي
يؤدي حشرة النحل دوراً مهماً في التنوع الحيوي، ينبع من أهمية التلقيح من أجل الزراعة .
سوس الفاروا والنحل في بريطانيا
كذلك تتعرّض مجموعات النحل الأصلية للمخاطر في كل أنحاء العالم. ففي بريطانيا، حيث معظم النحل من أصل خارجي ويعيش في خلايا مدارة من البشر، تشير التقديرات إلى انقراض ثلث النحل البري خلال العقود الأخيرة، إذ هلك خصوصاً بسبب سوس الفاروا.
فقد وصل سوس الفاروا، وهو طفيلي يتغذى على نحل العسل ويهاجمه، إلى بريطانيا في عام 1992 وأهلك النحل الأصلي في المملكة المتحدة، ويعتقد سالباني أن النحل الذي وجده قد تطور ليبقى على قيد الحياة، وقال: “نحن لا نشهد الوفيات التي نتوقع رؤيتها بسبب عث الفاروا.”
وبشكل غير عادي، يتجمع النحل مع ملكات متعددة، ما يصل إلى تسع ملكات في بعض الحالات، لضمان بقاء المستعمرة، وقد تم تسجيله بحثاً عن عسل المن على رؤوس الأشجار في درجات حرارة منخفضة تصل إلى 4 درجات مئوية، حيث سيتوقف معظم النحل عن الطيران عند 12 درجة مئوية، حيث تسمى النحلة البرية التي تكيفت مع البيئة بالنحلة البيئية، ويمكن أن تكون هذه النحلة نوع بيئي ثمين للغاية، فهي أول نحلة برية تتكيف تماماً مع العيش في غابة البلوط.”
سلالة نحل بلينهايم تقاوم الفاروا
ولكن يبدو أن سلالة نحل بلينهايم لم يتأثر بذلك، مما دفع سالباني إلى أن يستنتج أن حشرات هذه المنطقة تأقلمت وأثبتت غابات بلينهايم أيضاً أنها بيئة مثالية لهذا النموذج، إذ إن دخول هذه المساحات الشاسعة غير متاح، وهي لا تحوي خلايا مدارة أو إنتاجاً زراعياً تُستخدم فيه المبيدات.
وتضمّ هذه الغابات القديمة التي تبلغ مساحتها مئات الهكتارات والمحمية إلى حد كبير، أكبر كمية من أشجار البلوط القديمة في أوروبا، ويصل عمر بعضها إلى 600 سنة تقريباً.
وعندما بدأ فيليبي سالباني أبحاثه، لم يكُن هذا الدرّاج الدولي السابق الذي يدرّب الرياضيين، يتوقع الكثير.
سلالة نحل بلينهايم تقاوم الطقس الشتوي
لكنه فوجئ باكتشافه نحو 50 خلية في الأشجار، تتمتع بمقاومة مدهشة للطقس الشتوي، ويعتقد أن عددها يمكن أن يصل إلى 500 ويقدّر سالباني عمر بعض الخلايا بنحو 200 سنة ويقول “يا للأسف، ليس هناك كثيراً من الأماكن المماثلة”.
مواصفات سلالة نحل بلينهايم
ويلاحظ سالباني أن نحل بلينهايم أصغر حجماً وأكثف وبراً وأكثر قتامة من النحل الموجود عادةً في الخلايا المدارة في بريطانيا.
ويوضح أن نحلة بلينهايم “ليست عرضة للمبيدات الحشرية والمواد الكيماوية”، مضيفاً أن لوجودها أهمية عالمية. ويقول “إذا تمكّنا من العثور على أنواع فرعية محلية من النحل (…) نستطيع أن نعرف مزيداً عن البيئة وأن نحسّن الأنظمة الزراعية”.
ويتابع “سواء في رومانيا أو بلغاريا أو فرنسا، ينبغي درس الأنواع التي لا تزال قائمة، وفهم العوامل التي تؤثر في النحل، سواء كانت المواد الكيماوية، أو المبيدات، أو التدخل البشري، مع الأمل في الحفاظ على مستويات جيدة من عملية التلقيح، الأساسية للحياة”.
بالكاد، لاحظ رئيس قسم الغابات في بلينهايم نيك بايمبريدج هذا النحل خلال العقود الثلاثة التي عمل فيها في الموقع. ويقول “لم ننتبه إطلاقاً حتى جاء فيليبي وأوضح أن هذا النوع فريد”.
أما روب ستونمان، من جمعية “وايلدلايف تراستس”، فيصف هذا الاكتشاف بأنه “رائع”، مضيفاً في تصريح للوكالة أنه “يبيّن قيمة الغابات القديمة والحاجة إلى حماية هذه الموائل الفريدة إلى الأبد”.
للمزيد عن سلالات النحل اضغط هنا