د نصر بسيوني يكتب: صعيد مصر وتربية النحل مزايا ومعوقات تنتظر الحل
خبير في تربية وصناعة النحل
سعدت بزيارة صعيد مصر لأول مرة في حياتي لمدة أسبوع تقريبا برفقة عدد من نحالة الصعيد والتقيت بعدد أخر يتجاوز المئات تحاورت معهم وزرت مناحلهم واستمعت لشكواهم.
ووجب على أن انقل الصورة كما شاهدتها بعيون متخصص بتربية النحل بدون زيادة أو نقصان أهل الصعيد أكسبتهم الشمس سمرة الوجوه وأعطاهم الله بياض القلوب ورزقهم كذلك بطبيعة خلابة لا تجتمع بمكان في العالم غير صعيد مصر.
تشاهد على مدى البصر غطاء نباتى أخضر خلاب وفى خلفيته جبال طبيعية وصحراء ممتدة غنية بالنباتات الصحراوية تشاهد النيل و الصحراء تشاهد المباني الحديثة و المعابد الفرعونية في نفس اللحظة الغطاء النباتى بالصعيد مختلف كثيرا عن مثله بشمال مصر فأشجار السدر والسنط والمانجو تقابلك في كل مكان داخل المدن والقرى وخارجها والمحاصيل المنزرعة أيضا تختلف فتنتشر زراعة النباتات الطبية والعطرية وكذلك البرسيم الحجازى بمساحات كبيرة ولها مواسم للأزهار تختص بها الطقس في الصعيد يختلف عن باقى مصر ، فدرجات الحرارة مرتفعة نهاراً شديدة البرودة ليلاً.
كل هذه العطايا من الله كان لها تأثير كبير على تربية النحل فسجلت معابد الأقصر أقدم تربية لنحل العسل في العالم حتى أنه كان يخصص كهدايا للألهة والملوك والكهنة وعلية القوم أما تربية النحل في الصعيد حاليا فهى مقيدة ببعض المعوقات التي لو تم حلها لانطلقت تربية النحل بصعيد مصر بقوة الصاروخ .
ومن هذه المعوقات عدم أمكانية تصدير طرود النحل من مطارات الصعيد ولا أعرف سببها ولكن أتفق أغلب النحالة مطارى أسيوط وسوهاج هما الأقرب لكل أهل الصعيد وعدم أمكانية التصدير من صعيد مصر تلزم النحال بنقل طروده الى القاهرة.
ومع حساب الفترة التي يتم فيها تجهيز الطرود ونقلها الى المطار ثم شحنها فتتجاوز يوم ونصف غير باقى الفترة التي تتضمن النقل بالطائرة ثم استلامها بالخارج وهذه الفترة (اليوم ونصف) تتسبب في موت كثير من النحل وعدم رغبة المصدرين في شراء طرود النحل من الصعيد رغم أن إنتاج الطرود بالصعيد يكون مبكراً في الربيع بمقدار شهر على الأقل وهو المطلوب عالميا ومتأخر في الخريف بمقدار شهر أيضا وهو ميعاد غير متوفر لأى مكان في العالم غير صعيد مصر
العائق الثانى الذى يقابل نحالة صعيد مصر هو تسويق إنتاجهم من العسل رغم أن أعسال الصعيد هي من الأعسال ذات الجودة العالمية و التي تباع مثيلاتها في الأسواق العالمية بألاف الجنيهات مثل عسل الشمر وعسل الموالح وعسل البرسيم الحجازي و عسل السدر وعسل السنط، فكل أعسال الصعيد نتيجة لارتفاع درجات الحرارة و انخفاض الرطوبة تتمتع بكثافة عالية ومذاق رائع.
ولحل هذه المشكلة يمكن أجراء مسابقة سنوية لأفضل الأعسال بمحافظات الصعيد المختلفة (على أن يكون المنحل المتقدم من المناحل المرخصة بوزارة الزراعة) وتقوم الدولة باستلام الأعسال المتميزة بأسعار أعلى من أسعار السوق وتعبئتها بعبوات فاخرة (يمكن ان يكون عليها أشكال وصور ورسومات فرعونية) ويقام لها منافذ لبيعها بجوار المعابد الأثرية وبالمطارات و الفنادق الكبرى بالصعيد و البحر الأحمر و القاهرة وسيناء على أن تتوافر منها عبوات صغيرة الحجم (100 و200 جرام) حيث غالبا ما يقبل عليها السياح كهدايا لأقاربهم.
يمكن التنسيق مع محافظة الأقصر ومحافظة أسوان لإقامة أسبوع للأعسال المصرية حيث يتم أخذ عينات عشوائية من الأعسال المشتركة وتحليلها بواسطة وزارة الزراعة للتأكد من سلامتها وتوفر المحافظات مبدئيا أماكن وساحة للمعرض ويكون الاشتراك به مجانياً في الأعوام الأولى (خاصة للمناحل المرخصة بوزارة الزراعة) وبرسوم رمزية لغير المرخص ويكتفى برخصة المنحل للاشتراك في المعرض للنحالة غير الشركات – تلتزم الدولة بالأشراف على المناحل وبإقامة ندوات ودورات تدريبية بصفة دورية تكون مجانية للنحال الذى لديه منحل مرخص وبرسوم رمزية لباقى النحالة يتم فيها تدريبهم على كل ما هو جديد في مجال تربية النحل وانتاج عسل بأفضل المواصفات.
يعانى النحالة بصعيد مصر من نقص مستلزمات الأنتاج وخاصة خميرة المناحل و علاجات النحل ومنذ خمس سنوات تقريبا لم يتوفر تاجر واحد يتاجر بمستلزمات المناحل بصعيد مصر أما حاليا فيتواجد العديد من التجار من القطاع الخاص وبدأت علاجات النحل في التوافر.
أما خميرة النحل المصرية و المستخدمة في تصنيع البدائل البروتينية لتغذية النحل فالمصنع الوحيد الذى ينتجها بمصر يقع بالإسكندرية ويصعب على النحالة والتجار نقلها لذا يطالب النحالة بتوفير منفذ للشركة بصعيد مصر أو يتم إيصالها للتجار بسيارات الشركة بميعاد دورى وليكن أول كل شهر مع مخاطبة الشركات المنتجة لبعض الأدوية التي يستخدمها النحالة لتوفيرها لهم بصعيد مصر .
مخاطبة الجهات المسئولة (المحليات) عن طريق وزارة الزراعة بالتوسع في زراعة أشجار السدر بمناطقهم بدلا من أشجار الزينة التي لا عائد منها ويمكن استيراد بعض أنواع السدر التي تعطى محصول كبير من الرحيق من خارج مصر والبدء في زراعتها مثل السدر اليمنى هذه بعض المشاكل التي شاهدتها بعينى ومعها الحلول التي أقترحها النحالة أنفسهم لتلك المعوقات.
اللهم هل بلغت اللهم فأشهد…