د. نصر بسيونى يكتب: أنا والنحل…عشق لا ينتهي
>> خبير نحل وإستاذ بقسم بحوث النحل– معهد وقاية النباتات- مركز البحوث الزراعية
تربية النحل العشق والأدمان في طفولتى كنت أشاهد خلايا النحل بجوار منزلنا وكطفل صغير شغوف بالغريب كنت أقترب منها حتى تلسعنى نحلة فأهرب وأبكى وأذهب لوالدتى لتزيل ألة اللسع وتضع لى قطعة من الثلج على مكان اللسع لتقليل الألم و الورم ولكن لا تمر أيام ألا وأعود للتقرب للنحل من جديد. لايمكن أن أنسى طعم قطعة الشمع التي كان النحال يهديها الى يوم فرز العسل وهى تتساقط منها قطرات العسل الذهبية مرت الأيام وأمتلكت منحل لنفسى.
أنهيت دراستى وقابلت العديد من الصعوبات لثلاثين عام خسرت خلالها الكثير من الخلايا وأكتسبت الكثير من الخبرة وزدتها بالدراسة والعلم بعد عدة سنوات من عملى بالنحل ظننت نفسى نحال كبير من حيث الخبرة ولكن بالدراسة أكتشفت أن ما تعلمته ليس ألا قطرة في بحر العلم و أنى لست ألا جاهل كبير “وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا” صدق الله العظيم رغم خسارتى المادية لسنوات كثيرة أثناء عملى ألا أننى لم أفكر في البعد عن النحل.
لا أعرف نحال أدمن النحل ترك تربيته مهما كانت خسائره و الجميل في هذه الهواية هي أنها تجمع الناس بأختلاف دياناتهم و طوائفهم ولغاتهم و أعراقهم فتجدهم على صفحات الأنترنت يتشاركون همومهم و أفراحهم ولا يفسدها عليهم ألا أفعال غيرهم إذا عشقت النحل ستجد معك الدكتور والمهندس والقاضي والضابط والمحاسب والممثل و…. و , … والتاجر والمزارع والنجار والحداد و….. و…..
ستجد قليل الخبرة مهما زادت درجته العلمية يطلب التعلم من صاحب الخبرة أي كانت درجة تعليمه حتى لو كان لا يستطيع كتابة أسمه في أحد الأيام قابلت مجموعة من النحالة البريطانيين ومعهم أمرأة عجوز سألتها عن سبب تعلقها بتربية النحل فقالت كلمة واحده في البداية … “Drugs”
ضحكت من ردها كيف تساوي بين النحل والمخدرات أو ألادمان… لم أفهمها أيضا في البداية حتى شرحتها لى أن تربية النحل مع الوقت تصبح مثل المخدرات في دم النحال لا يستطيع مفارقتها حتى الممات.
مع الأيام قابلت النحال الذى قضى العديد من السنوات بأمريكا وعاد الى مصر ليعود لتربية النحل فيمنعه الأطباء لكبر سنه ولمرضه فيربى عدد من الخلايا داخل شقته ليراها كل يوم لم أقابل نحال ألا ووجدت فوق سطح بيته عدد من الخلايا يقضى بينها وقت فراغه ويزيل بينها هموم يومه فى السنوات الأخيرة.
ومع ظهور أمراض جديدة في النحل وبداية إنهيار هذه الصناعة في العالم شعرت الدول المتقدمة بالرعب لفقد النحل وطبعاً كان هذا الشعور ناتج عن الخسائر التي ستعود على القطاع الزراعى نتيجة أنخفاض تلقيح المحاصيل و الذى يقدر في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها بمئات مليارات الدولارات مما دفع بالحكومة الأمريكية لتخصيص مليارات الدولارات للأبحاث الخاصة بأنقاذ النحل.
لرفع ثقافة العامة حول أهمية النحل بدأت هذه الدول في نشر صور خلايا النحل في شرفات المدن وفوق أسطح المباني الحكومية و ناطحات السحاب وكذلك وضع عدد من خلايا النحل في مدخل الجامعات وفوق سطح مبنى البرلمان الأوروبى وفي الدول المتقدمة تنظم المدارس رحلات لطلابها لمناحل نموذجية حتى يتعود الأطفال على رؤية النحل وينمو بداخلهم الشعور بأهمية هذا القطاع النحل إذا أنتهى سينخفض أنتاج المحاصيل الزراعية الى الثلث وستنتشر المجاعات و الفوضى.
أنهى حديثى بحديث شريف : عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يومًا يحدث وعنده رجلٌ من أهل البادية: ((أن رجلًا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع، فقال له: ألست فيما شئت؟ قال: بلى، لكني أحب أن أزرع، قال: فبذر، فبادر الطَرْفَ نباتُه واستواؤُه واستحصاده، فكان أمثال الجبال، فيقول الله: دونك يا بن آدم، فإنه لا يشبعك شيء))، فقال الأعرابي: والله لا تجده إلا قرشيًّا أو أنصاريًّا؛ فإنهم أصحاب زرع، وأما نحن فلسنا بأصحاب زرع، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم؛ رواه البخاري اللهم انى أسألك الجنة وما يقرب اليها من عمل اللهم انى أسألك أن أرى النحل في الجنة.